لم تكد الفرحة ترتسم على شفاه عائلة الشيخ القاضي عبد الله حرب (50 عاماً) بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال الصهيونية، حتى جاءت خفافيش الظلام، من أجهزة عباس الدايتوينة، ليختطفوه من بين أهله وضيوفه الذين كانوا لا يزالون يتوافدون على منزله في مدينة جنين شمال الضفة الغربية لتهنئته بالإفراج.
فقبل نحو عامين ونيف، وتحديداً يوم السابع من شهر ابريل/ نيسان عام 2007 اختطفت قوات الاحتلال الصهيونية القاضي عبد الله حرب أثناء مروره على أحد الحواجز الصهيونية المقامة بين مدينتي جنين ورام الله، وليبدأ بعدها الشيخ حرب رحلة شاقة في أقبية تحقيق سجن الجلمة الصهيوني.
وبعد أن فشل ضباط التحقيق الصهاينة بانتزاع أي اعتراف من الشيخ الجليل أو إثبات أي تهمة بحقه، قاموا بالانتقام منه وتحويله إلى الاعتقال الإداري التعسفي، ليتم بعد ذلك تمديده عدة مرات، إلى أن جاء موعد الحرية التي لطالما انتظرها وأهله بفارغ الصبر، حيث تم الإفراج عنه مساء يوم الجمعة 19/6/2009 من سجن النقب الصحراوي بعد اعتقال دام 27 شهراً.
مشاعر الفرحةوعن مشاعر الإفراج عنه من سجون الاحتلال بعد كل هذه المدة، تقول زوجته أم محمد: "فرحتي بالإفراج عن زوجي كانت كبيرة جداً، خاصة وان الإفراج عنه جاء بصورة مفاجئة بعد عدة مرات من تمديد الاحتلال له في السابق، وكل أقاربنا توافدوا إلى منزلنا والفرحة غمرت المكان".
ولكن لم يكن الشيخ حرب ولا أفراد أسرته يتوقعون أن هناك من يأبى إلا أن ينغص عليهم فرحتهم ويسرقها من شفاههم دون أي رأفة أو رحمة أو إنسانية، حيث تقول زوجته: "بعد أقل من يومين من الإفراج عن زوجي تفاجئنا في تمام الساعة 11 مساء يوم الأحد 21/6/2009 بتطويق منزلنا من قبل سيارات كثيرة تابعة للسلطة، حيث كان المنزل لا يزال ملئ بالأقارب والأحبة الذين حضروا لتهنئتنا بالإفراج".
وتضيف" فوجئنا بشدة وبدا الذهول والصدمة على وجوه جميع المتواجدين، حيث طلبنا منهم إمهاله لبعض الوقت، وقلنا لهم أنه سيحضر لهم بنفسه، لكن استغرابنا ازداد حين علمنا أن جهازي المخابرات والوقائي حضرا إلى المنزل في ذات الوقت، وكأنهم يتسابقون من سيقوم باعتقال الشيخ".
وتؤكد زوجته أنه منذ ذلك الوقت لم يعلموا عنه شيئاً، مشيرة إلى أنهم أجروا اتصالات كثيرة مع المسؤولين في سلطة عباس لتحديد مكانه ومعرفة سبب اعتقاله، لكن دون جدوى، وتساءلت: "لا أدري ما سبب اعتقاله!! وما هي الجريمة التي ارتكبها؟؟ فهو قاضٍ شرعي، والأصل أن يتم احترام القضاة وتوقيرهم لا أن يتم اعتقالهم وزجهم في السجون".
المجرمون يرتعونولكن على ما يبدو فإن أم محمد نسيت أن أجهزة عباس الدايتونية تترك المجال للعصابات والمجرمين ليرتعوا كما يشاءون في الضفة الغربية، وإن تم اعتقالهم فسرعان ما يتم الإفراج عنهم بكفالة مالية. أما المجاهدين والأسرى المحررين ورجال الإصلاح وأساتذة الجامعات، والقضاة، والعلماء، فهؤلاء كلهم في عُرف أجهزة عباس "مجرمون" يجب اعتقالهم وتعريضهم للتعذيب لأنهم إما من حماس أو مناصرين لحماس.
فالشيخ الجليل القاضي عبد الله حرب شغل قبل اعتقاله في سجون الاحتلال الصهيونية، قاضي محكمة الاستئناف الشرعية في مدينة جنين، وكان يرأس جمعية البر والإحسان الخيرية، وهو أحد الشخصيات الاعتبارية ومن رجالات الإصلاح البارزين في المحافظة ممن يحظون باحترام واسع من قبل المواطنين.
ويبقى السؤال مفتوحاً.. إلى متى تبقى عصابات أجهزة عباس تصول وتجول في مدن الضفة الغربية المستباحة من الاحتلال الصهيوني، في وقت أصبح فيه أذناب الاحتلال يتفوقون على أسيادهم في ملاحقة المجاهدين والبطش بأبناء شعبهم ليس لشيء إلا لينالوا رضا الجنرال الأمريكي "كيث دايتون"!!!