الشهيد محمد روحي حسونة
الرجل الاديب.. والمجاهد الطالب للشهادة
إن الموت آية محتمة على كلّ إنسان ، لكن حين تفرَض على الإنسان حياة الذل فمن الأفضل أن يموت شامخاً واقفاً كأشجار النخيل , فما أروع الموت في سبيل الله , ما أروع أن يبيع الإنسان حياته رخيصة من أجل رفعة الإسلام و الوطن , ما أروع الموت حين تكون مقدماً غير مدبر , رحم الله كلّ من قدّم حياته فداء لتراب فلسطين الغالي ".
وعلى طريق الجهاد والمقاومة يمضي رجال القسام الميامين يعبّدون بدمائهم الزكية وأشلائهم الطاهرة جسر العبور وطريق الوصول إلى النصر والتحرير والتمكين، وعلى هذا الدرب الشائك يمضي إلى الجنان قوافل من الشهداء الأبرار الذين يدفعون ضريبة الجهاد من دمائهم وأرواحهم.
نقول إلى هؤلاء الأبطال الذين رفعوا راية الجهاد، وملئوا الكون بأنغام الكفاح، ومضوا للمعالي قدما يدحرون الطغيان ويصرعون البغي ويحطمون القيود ويرجون من الله النصر، إنهم رجال وأسود كتائب القسام، عليكم بالاستعداد لمواجهة العدو الصهيوني.
الميلاد والنشأة
ولد الشهيد القسامي المجاهد محمد روحي محمود حسونة بغزة في حي اليرموك – حي المنارة ، وذلك في العام 31-5-1983م، في أسرة متدينة ومحافظة ذات أخلاق وقيم إسلامية رفيعة، تتكون من ستة من الإناث واثنين من الذكور، وشهيدنا عشق القرآن وقرأ سنة النبي لمختار (صلى الله عليه وسلم) تعرف عائلته الموقرة بالأدب في التعامل مع أصناف البشر فلا هانت ولا تخاذلت وستبقى على طريق الوفاء سائرة ، هاجرت من أرضيها المحتلة عام 1948م من بلدة " الجورة "، بعد أن هجرها الاحتلال الصهيوني، كباقي الآلف من الآسر الفلسطينية المنكوبة على أمل العودة، وأملهم بالله والمقاومة وخطف الجنود على يد كتائب القسام.
تعليمه ودراسته
أنهى الشهيد القسامي محمد حسونة دراسته الابتدائية في مدرسة ذكور الشاطئ للاجئين، أما عن دراسته الإعدادية فقد أتمها في مدرسة ذكور الرمال الإعدادية إصرار الشهيد لطلب العلم والسير في ركب العلم والحضارة والتقدم جعله يحصل على شهادة التوجيهي من مدرسة خليل الوزير، وكغيره من المميزين أراد إتمام دراسته الجامعية، ولكن كحال الكثيرين من أبناء هذا الشعب المجاهد المعطاء، لا سيما الظروف الصعبة، كان حجرة عثرة في طريق إتمام شهيدنا لدراسته الجامعية، وخاصة أن شهيدنا " محمد " وقع على كاهله تحمل مسئولية عائلته وعمل مع والده في مهنة الخياطة.
فكر شهيدنا أبو مؤمن في خدمة وطنه والمجاهدين، وسرعان ما عاد والتحق في كلية المجتمع العلوم المهنية والتطبيقية ليتخرج منها حامل شهادة في تخصص " وسائط متعددة "
محبته لوالديه
ويضيف والد الشهيد " أحب الشهيد المجاهد أبو مؤمن والديه لدرجة لا توصف، فكان المطيع لهما والمحبوب والمميز، وعندما كان يبلغ من العمر 8 سنوات، كان متعلقاً بوالدته كثيراً، فكانت تخشى عليه مما جعل محبتها لشهيدنا لا توصف ".
بالإضافة إلى ذلك عرف عن شهيدنا بحبه لأقربائه وأصحابه، ولم يقوم بإزعال أي أحد منهم في يوم من الأيام، بل كان يحسن إليهم ويساعدهم ويوصيهم بالصلاة والمحافظة عليها.
قليل الكلام
عرف عن الشهيد المجاهد أبو مؤمن بقلة الكلام أثناء الجلوس والحديث مع الناس، وكان إذا حدثه احد أو تحدث مع الناس يحمر وجه لتواضعه وإخلاصه وتعاونه واحترامه مع الجميع.
ورغم خجله الكبير إلا أنه كان صاحب ابتسامة لا تفارق شفتها، وكان حريص على أن لا يعلم أحد شيء عن أعماله الجهادية والدعوية، وهذه من أهم الصفات الذي ميزت الشهيد القسامي " محمد " ، فكانت عندما تسأله والدته عن السلاح والعتاد العسكري الذي كان بحوزته يقول لها " يا والدتي هذا ليس سلاحي وإنما سلاح المجاهدين والمرابطين من إخواني وأصدقائي ".
صاحب قلماً فنياً
عرف عن المجاهد القسامي " محمد حسونة " بأنه صاحب قلماً فنياً في الرسم والتخطيط ، واستطاع أن يرسم الفارس القسامي " أبو مؤمن " العديد من الصور للشهداء الشعب الفلسطيني وقادته العظام، وخاصة صورتي الشهيد القائد الإمام الرباني أحمد ياسين والدكتور المجاهد أسد فلسطين عبد العزيز الرنتيسي، الذي كان يحتفظ بهما في غرفته الخاصة.
مشواره الدعوي
التزم شهيدنا " أبو مؤمن " منذ نعومة أظافره في بيوت الرحمن، فكان دائماً يذهب مع والده إلى المسجد، وخاصة في مسجد الغفران القريب من بيته في حي اليرموك، فكان محافظا على صلواته في المسجد على الرغم من صغر سنه، كما أنه كان ملتزما بمركز تحفيظ القرآن الكريم الموجود في المسجد، فكان من الطلبة المتميزين في تلاوة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فشب وترعرع وتربى تربية إيمانية وإسلامية متميزة أثرت على إتباعه للمنهج الذي سار عليه في حياته، وحتى استشهاده.
ويحدثنا " أبو محمد " والد الشهيد القسامي " محمد حسونة " بالقول " يتميز محمد رحمه الله بالذكاء منذ طفولته والفكاهة، وكنت دائماً أحثه على الصلاة ، وعندما كبُر تحمل بجاني مسؤولية العمل في مهنة الخياطة وكان يجيدها بشكل قوي وكنت أعتمد عليه في الكثير من الأمور ".
انتمائه صفوف حماس وكتائبها
انضم شهيدنا وانخرط للعمل في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس من خلال التزامه بالمسجد، حيث لفت الأنظار إليه من خلال اهتمامه الشديد بدروس ومجالس الذكر والعلم في المسجد، وكان انضمام شهيدنا إلى صفوف حماس في الوقت الذي تكاسل فيه المرجفون من أبناء شعبنا إلى العمل الدعوي والدعوة إلى الله.
وعرف عن الشهيد القسامي " أبو مؤمن " بحبه الدائم والجلوس على الكمبيوتر ليقوم بتصميم وتجهيز صور للشهداء، حتى أنه قام بتصميم صور لنفسه بعد أن ينال الشهادة، وهذا ما كان يتمناه إنها الجنان.
شارك القسامي " أبو مؤمن "، بجانب إخوانه في الأنشطة المختلفة للمسجد، وكان له دور في بارز في اللجنة الثقافية، فكان كل ما يطلب منه لا يرفضه، ويقوم بتلبية دعوة إخوانه، وعرف عنه بالتخطيط للعديد من البوسترات واليافطات ورسم صور للشهداء.
وفاءه لبيعة الإخوان
ومن كثر حبه لدعوة الإخوان المسلمين، أصر شهيدنا بعد نشاطه في الدعوة والأنشطة المختلفة للمسجد، أن يبايع هذه الجماعة المباركة ، فكان ذلك عام 2005م، ليكون من بعدها المجاهد القسامي الذي تقدم نحو العدو ، فكان إلحاحه الشديد لإنضمام إلى صفوف المقاومة لا سيما صفوف كتائب القسام.
ويصف " أبو بلال " أحد رجال دعوة الإخوان المسلمين الشهيد محمد بالقول " بدأ محمد التزامه في مسجد الغفران، وكان نشيطاً في جميع الأنشطة، ولقد بايع جماعة الإخوان المسلمين، وبعدها أصر وألح للالتحاق في صفوف القسام ، ولقد كان محبوباً من أميره في الدعوة وأميره في المنطقة، ومن جميع إخوانه وأحبابه وكل من عرفه، ويتميز بالحياء المطلق في معاملاته ومن حياءه كان يحمر وجه من كثرة خجله وتواضعه ".
الرجل في كتائب القسام
أما انضمامه إلى صفوف الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، كتائب الشهيد عز الدين القسام فكان نفس عام بيعته للإخوان المسلمين، وأصبح أحد أفراد كتائب القسام يذود ويدافع عن كرامة شعبه وأمته، في الوقت الذي تخلف وتخاذل الكثيرين عن هذه المهمة النبيلة، ولم يعرف الوقت الذي انخرط فيه " أبو مؤمن " في صفوف كتائب القسام تحديدا، وذلك نتيجة لسريته وكتمانه الشديدين حتى مع أقرب معارفه.
وكان عندما يذهب للرباط في سبيل الله، كان لا يعرف أحد أنه ذاهب إلى الرباط، وكان يدعو الله أن ينال الشهادة ولا يرجع إلى بيته.
هندسة متفجرات
أبدع شهيدنا أبو المؤمن في تخصص هندسة متفجرات، وشارك في إعداد الكثير من العبوات القسامية، كإمداد للمقاتلين من كتائب القسام، فكانت علاقته مع إخوانه المجاهدين والمرابطين قائمة على المحبة والجهاد، وهذا ما أكده أحد مجاهدين القسام.
احتساب أمره لله
احتسب مصيبته عند الله، فلقد أصيب شهيدنا القسامي محمد حسونة بمرض سرطان النخاع، وهذا قبل استشهاده أربع شهور ، فكان يتلقى العلاج لهذا المرضى، ولكن ازدادت حالته للخطر نتيجة للحصار الصهيوني الظالم، مما منع من دخول الأدوية الكافية، بالإضافة إلى الإضرابات المسيسة الذي تتبعها حكومة المقاطعة في رام الله، وعدم وجود الأطباء في أماكن عملهم، مما إزداد من خطر حالته، وأعلن عن استشهاد في يوم السبت الموافق 6-9-2008م
رحمك الله يا شهيدنا القسامي، ونقول إلى الخونة والعملاء ستسألون أمام الله عن رفضكم للعمل وخدمة أبناء شعبكم، وحسبنا الله ونعم الوكيل
موضوع: سلسلة شهداء القسام .... 
السبت نوفمبر 29, 2008 8:45 pm
